الأربعاء، 1 يونيو 2011

رحلتي في عالم المجانين

شاءت الأقدار ان يكون تدريبي الميداني في مستشفى الطب النفسي أو كما هو متعارف عليه " مستشفى المجانين "

لا أخفيكم سرا إن قلت لكم أني كنت سعيدة وقتها .. فأنا أحب تجربة الجديد .. و خوض التجارب ..

كنت عازمة و أنا أخطو خطواتي الأولى داخل المبنى الجديد ان تكون هذه التجربة مدرسة أتعلم منها .. و كانت كذلك ..


أتمم و أنا أبحث عن الدكتور المسؤول عن تدريبي بآية الكرسي .. المعوذات .. ما أحفظه من اذكار ..
ايام الاسبوع موزعة بين العيادة الخارجية حيث المرضى أصحاب الحالات المستقرة و المراجعين الجدد ، و أيام اخرى في الأجنحة مع الحالات الغير مستقرة ..

سطرت بعض من مشاهداتي مختصرة في "تويتر" .. و أوثقها هنا و أزيد .. فمثل هذه التجربة تستحق التوثيق ..


(١)

((من لم تعلمه أمه .. علّمه الطب النفسي))


و مما تعلمت ان ليس كما يشاع ان الأمراض النفسية تكون ناتجة من ظروف اجتماعية معينة ، بل هناك أمراض عقلية ناتجة عن تغيرات بالمخ نفسه مثل الفصام و ثنائي الاقطاب .. و أكبر الأخطاء هي تسمية المجانين !تباً لذلك التخلف و الاعلام الذي يسوق لمعلومات خاطئة .. فهؤلاء المجانين هم مرضى شاء المولى ان يبتليهم بهذا المرض الذي قد يعالج و تستقر حياته مع الأدوية ..


(2)

((بعض المرضى تضحكنا أحاديثهم و تبكينا حالتهم الصحية ))


و هو أمر واقعي فالمرضى المصابين بال MANIA أو الهوس فهم "خفيفي الظل" يتحدثون بقصص مضحكة و نكت ، و لا تجد مريض مصاب بالهوس يخلو حديثه من الطرافة .. و لكن إذا أتيت للواقع فهم بحاجة لعلاج متواصل مدة لا تقل عن سنتين ..


(3)

((تأثرت بردة فعل زوجة تداري دموعها بعد علمها بمرض زوجها النفسي و الذي قد يستمر معه طوال الحياة ))


(4)

(( أردد "الدنيا فيها خير" عندما ارى الأخ متفهم لمرض أخوه النفسي و الذي وصل لمراحل متقدمة جدا بعد 30 سنة من الإصابة و يوفر له ممرض خاص في المنزل و يزوره يوميا إذا دخل المستشفى ))


(5)

(( في الجناح ، تأتيني إحدى المريضات في الخمسين من عمرها باكية بشدة " دكتورة شوفيهم راحوا النادي و ما ودّوني " أعترف أن لحظتها كنت أداري دموعي و أتظاهر بالقوة .. و قمت معها مباشرة لمعاتبة الممرضات ))

الجناح هناك كأنه منزل ، غرف للنوم ، صالة ، غرفة الطعام ، و المرضى يدورون في أرجائه .

أما النادي فهو مكان ترويحي للمرضى في المستشفى.


(6)

(( في الجناح تودعني إحدى المريضات قائلة : Bye Bye i love you .. أحسست برغبة أن أمسح على رأسها و أربّت على كتفها .. لكن خوفي منعني فاكتفيت بالتلويح))


(7)

((الواحد اييكم صاحي .. يطلع مينون ))

أضحكني أحد المرضى و هو يقول الجملة السابقة فقط لأن الصيدلية رفضت صرف أدويته لمدة 3 أشهر .. حيث أن القانون هو صرف الأدوية لمدة شهرين فقط .


(8)

(( يردد الدكتور المسؤول عن تدريبنا كلمات جميلة عن تحدثه عن شفاء أحد المرضى فيقول : ربنا أكرمه و بقى أحسن ))

أحب هذه الكلمة التي تحمل في طيتها جميل اعتراف و إقرار بفضل الله علينا


(9)

(( من مشاهداتي في الطب النفسي، تأكدوا من الصحة النفسية للعمالة المنزلية ، فعدد منهم يأخذ أدوية نفسية أو لا يعلم بمرضه خصوصا العمالة الأفريقية ))

و هذا فعل أمر حاصل في المستشفى فلم أتوقع أن أرى هذا العدد من العمالة المنزلية هناك .. بعضهم قد يصيبه الاكتئاب بسبب الاغتراب ، أما ما أعنيه فهي الأمراض العقلية كالهوس و الفصام .


(10)

((تأثرت من مريض بالطب النفسي يطلب تغيير دوائه رغم استقرار حالته الصحية لأن أخذ الجرعة مساء لا تمكنه من الاستيقاظ لاداء صلاة الفجر في وقتها))

المعروف أن طبيب الطب النفسي يعاني كثيرا من "تضبيط " جرعات و أوقات أخذ الأدوية بحيث تحقق أعلى استجابة بأقل الأعراض الجانبية .. و مريضنا هذا حالته مستقرة تماماً على الأدوية .. و لكن ما يؤرقه موضوع صلاة الفجر !!

كم من صحيح ضيّع الصلاة .. و كم من أصحاب الأعذار يجاهد لأدائها في وقتها ..


(11)

(( في الطب النفسي عندما أرى نماذج بر الأبناء بأمهاتهم أو الأزواج بزوجاتهم المصابات .. أشعر بعظيم حمد و شكر لله فالدنيا ما زالت بألف خير ))


(12)

(( " احنا أمهات المعاقين اش لنا غير الصبر " جملة رددتها والدة معاق كانت تتنقل بين المباني لإتمام أوراق ابنها الصحية ، #لكم الجنة بإذن الله بجميل صبركم "))


(13)

(( جميلة هي مشاهد بر الأبناء للآباء .. و لكن الأجمل هو بر الآباء لأبنائهم .. فهذا أب استقال من وظيفته ليتفرغ لإبنه المصاب بالفصام ))

و عندما تقرر إدخال ابنه للمستشفى أصر على الأطباء أن يرافقه رغم مخالفة ذلك للوائح و القوانين .


(14)

(( انتوا ما لقيتوا غير هالتخصص .. جان رحتوا طب أسنان أحسن لكم ))

نصيحة أحد المرضى لنا


(15)

(( عندما أضع رأسي ..يمر شريط يومي .. تستوقفني أحداث مستشفى الطب النفسي لأردد الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهم به .. اللهم باسمك الحفيظ احفظنا ))


(16)

(( رغم ما في الطب النفسي من أحزان إلا أنه فرصة لتهذيب النفس و كسر جبروتها .. استشعار النعم و شكرها .. إذكاء مشاعر الرحمة و تطبيقها ))

ليست هناك تعليقات: