ماذا يعني أن تكون الابن الأول في العائلة ؟!
و لن أعتمد على التنظير في شرح رؤيتي بل سأجعلها حية بالأمثلة الواقعية ...
يتمتع الابن الأول بعديد من الإيجابيات التي إلى إيجابيات دائمة و إيجابيات مرحلية ..
و شخصيا لا أرى من الإيجابيات الدائمة إلا إيجابية واحدة و محصورة على الأولاد و هي أن يصبح اسم هذا الابن كنية للأم و الأب .
أما الايجابيات المرحلية فهي كثيرة كالفرحة العارمة بالمولود الأول و إذا كان صبياً فالفرحة تكون مضاعفة عند الآباء ، إضافة إلى ما يتمتع به هذا الابن من الدلال سواء كان من الأبوين أو الأجداد ،
أما على صعيد السلبيات - و التي هي صلب الموضوع- فإني أراها مستمرة و متواصلة مع هذا الابن البكر طوال حياته ..
فبه يجرب الآباء و الأمهات ممارسة أدوار جديدة بحياته ، التزمات و متطلبات جديدة عليهم ، و تستمر هذه التجربة في كل خطوة يخطوها الابن و في كل مرحلة ينتقل إليها .
فهو باختصار " حقل تجارب " للآباء و الأمهات يجربون فيه و يتعلمون من أخطائهم معهم .
أما السلبية الثانية فهي رغبة الوالدين في تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه في ابنهم ، فعلى سبيل المثال : لو كان أحد الأبوين يتمنى أن يتخصص علمي بالثنوية و لكنه لم يفعل لسبب ما ، فنراه يصر أن يتخصص ابنه الأكبر هذا التخصص بغض النظر عن ميوله ، و إن صح التعبير " يحقق ذاته بابنه " و هو يظن ظنون واهمة بأنه صنع إنسان ناجحا و لكنه في الحقيقة قتل شخصية إنسان .
أما السلبية الثالثة فهي تركيز الأنظار على هذا الابن و مطالبته بأن يكون متميزا ناجحا قويا حكيما كونه قدوة لإخوانه .. و هذا الضغط الهائل على هذا الابن الذي يبدأ في مراحل حياته الأولى تجعله شخص يكبر و ينضج بسرعة .. تجعله شخص مسئول في عمر صغير .. فهو مسئول عن كل ما يفعل إضافة إلى مسئوليته عن من يصغره من الأبناء .. و هذا المسئولية تولد رغبة بالهروب أو الشعور باللامسئولية لبرهة من الزمن فعندما يكبر هذا الشخص نراها يفضل السفر بمفرده دون اصطحاب أحد من أفراد العائلة ، حيث أن وجود أي فرد من العائلة يشعره تلقائيا بالمسؤولية .
أما السلبية الرابعة فهي غيرة بقية الأخوة من نجاحات الابن البكر و خصوصا إن كان يضرب به المثل في المنزل ، و ليس فقط بالمنزل بل حتى في المدرسة ، و هو شيء لا ذنب للابن فيه إن كان الناس يقارنون بينه و بين بقية الأخوة .
أما السلبية الخامسة فهو تحمل الهم و التفكير بكل ما يتعلق بالأسرة في سن مبكر ، و يصبح باختصار " حمّال الأسية "
وهناك سلبيات كثيرة أخرى ...
و بالرغم من قناعتي التامة بهذه السلبيات إلا أنني أقر بأن ما يمر به الابن البكر من تجارب و محطات تصنع منه إنسان أقوى .. أحكم .. أنضج .. يتمتع بصفتين ذهبيتين - في الغالب- التضحية و الايثار طبعاً شرط أن تكون البيئة صالحة بالأساس .
و ما ذكرته ينطبق على الأسرة الصالحة و التي تكون فيها الأمور السابقة من باب قلة خبرة و لا أعني على الإطلاق الأسرة التي يعاني فيه الأبوين من مشاكل بغض النظر عن دورها ، فالابن الأكبر فيها سيكون الضحية بشكل أو بآخر .
و نقطة أخرى لعل شرحي للسلبيات ينطبق بصورة أكبر عن "البنت " إذا كانت هي الابن الأكبر ..
و ختاماً ..
لو كان لي فرصة الاختيار بين أن أكون الابن الأكبر .. الأوسط ... الأصغر .. ماذا سأختار ؟!؟!
سأختار ان أكون
..
..
..
..
..
..
" الأكبر "
فيكفيني في حياتي أن أكون ذلك الإنسان الذي كلما رآه أبوها تذكروا شعورهم بفرحة قدومه إلى الدنيا ...
و انت ماذا ستختار ؟!